قد يقول البعض: هل الله يستطيع أن يميت نفسه؟ هل الله يستطيع أن ينام؟ هل الله يستطيع أن ينعس؟ هل الله يستطيع أن يتعب؟ هل الله يستطيع أن يخلق صخرة لا يستطيع حملها؟
والجواب: أنه لو قدر الله تعالى على شيء من ذلك، لكان ذلك دليلاً على نقصان قوّته وقدرته، لأن من كمال قوّته وقدرته دوام حياته وأزليّته، ومن كمال قدرته، أنه لا يعجزه شيء، فقدرة الله على أن يميت نفسه أو ينام أو ينعس أو يتعب أو يخلق صخرة يعجز عن حملها، هو بحد ذاته، نقص في كمال قوّته وقدرته، لأنه إذا كان الأمر كذلك، ففيه دلالة على أن في صفات الله تعالى ضعفاً لا يدركه إلّا هو، وهذا مستحيل في حقه، لأنه أخبرنا بأنه الحيّ الذي لا يموت، وأنه كامل القوّة والقدرة، الذي لا يعجزه شيء، وكل ما في قدرة الله تعالى عليه نقص في كمال قوّته وقدرته، فهو غير ممكن، فنقول عندئذٍ، بأن قدرة الله تعالى تتعلّق بالممكنات، وموته ونومه ونعاسه وتعبه وخلق صخرة يعجز عن حملها وما أشبه ذلك، من غير الممكنات.
فكل فعل فيه تنقص لقدرة الله فهو (من غير الممكنات) وكل فعل، سواء كان خيراً أو شرّاً، فيه إثبات لكمال قدرة الله تعالى فهو من الممكنات، ولكن الله تعالى لا يفعل الشرّ لأنه محرّم عنده.
ومثال ذلك: الظلم، فالله قادر على الظلم، ولكنه لا يظلم أحداً، لأنه حرّم الظلم على نفسه.
وكل صفة أثبتها الله تعالى لنفسه وفيها إثبات كمال قوة وقدرة الله تعالى فهي ثابتة لله تعالى، مثل: الكلام بصوت وسمع الأصوات ورؤية الصور والحركة والانتقال، والخلق والإبداع .. وغيرها من الصفات، فمع أن الله تعالى أثبتها لنفسه، فهي عقلاً تعتبر صفات كمال، فمن لا يستطع الكلام بصوت وسماع الأصوات ورؤية الصور والحركة والانتقال فهو عاجز، والعجز نقص في القوة والقدرة، والله يتعالى عن ذلك.
ولكن هناك صفات هي كمال من وجه ونقص من وجه أخر.
مثل: الأكل والشرب والجماع.
فالله تعالى نفاها عن نفسه، فهي كمال في البشر، ولكن هذه الصفات إنما خلقها الله تعالى للبشر لتكمل نقصاً فيهم، خلقهم الله عليه، وإلا هلكوا.
والله لن يهلك إذا لم يأكل أو يشرب أو يتخذ زوجة، تكون له سكناً وتنجب له ولداً يكون له عوناً، فمع أن الله تعالى قادر على أن يفعل ذلك، لكنه لا يفعله، لأنه سبحانه يرى أنه لا يليق به ذلك.
والله أعلم وأحكم.