والوجه صفة ذاتية لله تعالى.
قال تعالى: ﴿وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ٱبْتِغَاۤءَ وَجْهِ ٱللَّهِۚ﴾ [البقرة]
وقال تعالى: ﴿وَٱلَّذِینَ صَبَرُوا ٱبْتِغَاۤءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ﴾ [الرعد]
وقال تعالى: ﴿كُلُّ شَیْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُۥۚ﴾ [القصص]
والعرب تكنّي عن بقاء الذات ببقاء الوجه، كون الوجه أشرف شيء في الذات، وإذا بقي وجه الله، بقي كلّه، وإذا بقي كله، بقي ملكه.
وتأول البخاري في صحيحه هذه الآية ببقاء الملك، اختصاراً منه للتأويل فقط، لا إنكاراً منه لصفة الوجه، لأن الإمام البخاري في صحيحه وتواريخه وكتابه خلق أفعال العباد، صرّح بإثبات الصفات، فتنبه.
وقال تعالى: ﴿ذَ ٰلِكَ خَیْر لِّلَّذِینَ یُرِیدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ﴾ [الروم]
وقال تعالى: ﴿وَیَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلَـٰلِ وَٱلْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن]
أي الوجه الجليل الذي يكرم عن كل ما يشينه.
وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ ٱللَّهِ لَا نُرِیدُ مِنكُمْ جَزَاۤء وَلَا شُكُورًا﴾ [الإنسان]
وقال تعالى: ﴿إِلَّا ٱبْتِغَاۤءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلْأَعْلَىٰ﴾ [الليل]
وعن عتبان بن مالك الأنصاري، قال: غدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال "لن يوافي عبد يوم القيامة، يقول لا إله إلا الله، يبتغي به وجه الله، إلا حرّم الله عليه النار".
رواه البخاري.
في أحاديث كثيرة في عمل الأعمال الصالحة ابتغاء وجه الله تعالى.
وهذا من سنن العرب في الكلام، إذا فعلوا فعلاً يريدون به التزلف لعظيم من عظمائهم قالوا: فعلنا ذلك ابتغاء وجهك. أي تقرباً إليك وتزلّفاً إليك، لترضى عنّا وتقبل علينا بوجهك.
وهذا لا يقال إلّا لمن كان له وجه حقيقة، فدلّت هذه الآيات والأحاديث على أن لله تبارك وتعالى وجهاً حقيقة، ذوّاه بالجلال والإكرام.
ويقال للجهة وجهاً، لأن المتّجه إلى الجهة، يستقبلها بوجهه، فكأن العرب استعاروا وصف الوجه للجهة.
والله أعلم وأحكم.