واليدان صفتان ذاتيّتان لله تعالى.
قال الله تَعَالَى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قالوا: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاء﴾ [المائدة].
وقال تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الملك].
وقال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [المؤمنون].
وقال تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [آل عمران].
وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ﴾ [يس].
وهما يدان يمين وشمال.
قال تعالى: ﴿قال: يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ﴾ [ص].
وقال تعالى:﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر].
وعن سالم بن عبد الله، أخبرني عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يطوي الله تعالى السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول أنا الملك، أين الجبارون، أين المتكبرون، ثم يطوي الأرضين بشماله، ثم يقول أنا الملك، أين الجبارون، أين المتكبرون".
رواه مسلم.
وهذا الحديث، فيه تشبيه من النبي صلى الله عليه وسلّم لصفة الله تعالى في طي الأرض والسماوات، مما يدل على وقوع التشابه بين صفات البشر وصفاة الله تعالى في الاسم والمعنى والكيف أيضاً.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يمين الرحمن ملأى سحّاء لا يغيضها الليل والنهار" .. قال: "أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات، فإنه لم يغض ما في يمينه، وعرشه على الماء، وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع".
رواه البخاري ومسلم والترمذي.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة".
رواه البخاري ومسلم.
وقوله "يتكفؤها الجبّار كما يتكفأ أحدكم خبزته" فيه تشبيه أيضاً من النبي صلى الله عليه وسلّم لصفة الله تعالى في تكفئه للأرض يوم القيامة، بتكفؤ البشر للخبزة عند إصلاحها، مما يدل على وقوع التشابه بين صفات البشر وصفاة الله تعالى في الاسم والمعنى.
بل إن هذا الحديث الصحيح، صريح في إثبات الكيف بين صفة الخالق والمخلوق، وهذا واضح جليّ من قوله صلى الله عليه وسلم: "كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر" فهل هناك ما هو أوضح من هذا التشبيه والتكييف؟!
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تصدق أحد بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة".
رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها".
رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة قال: فيأتون آدم فيقولون أنت أبو البشر، خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك".
رواه البخاري ومسلم.
وعن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى خلق آدم، ثم مسح ظهره بيمينه، فاستخرج منه ذرية".
رواه أبو داود والترمذي.
وحديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن تعالى، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا".
رواه مسلم.
فتبين من خلال ما سبق أن لله تبارك وتعالى يدان، وأن يداه يمين وشمال، وأن شماله كيمينه في كمالها وجلالها وجمالها وعظمتها، لا تفرق يمينه عن شماله، ولا شماله عن يمينه في شيء.
وقد قدّمت أن العرب قد يُشيرون إلى المثنّى والجمع بصيغة المفرد، للدلالة على الواحد من الاثنين أو الواحد من الجماعة، وقد يشيرون إلى المثنّى والمفرد بصيغة الجمع، للتفخيم والتعظيم، ولكن يستحيل في لغة العرب أن يشيروا إلى المفرد أو الجمع بصيغة المثنى، فإذا قالوا: اثنان فهما اثنان حقاً.
والله أعلم وأحكم.