صفة القوّة والقدرة لله تعالى

القوة والقدرة صفتان ذاتيتان لله تعالى.
وجميع صفات الله تعالى، لها تعلّق بهاتين الصفتين العظيمتين، فهاتين الصفتين، يصح أن نصفهما بأنهما أمّ الصفات.
وهما صفتان متلازمتان.
فلكمال قوّة الله تبارك وتعالى، فهو قادر على كل شيء.
قال تعالى: ﴿أَنَّ ٱلْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِیعَا﴾ [البقرة]
وقال تعالى عن نفسه: ﴿ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِینُ﴾ [الذاريات]
وقال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَیْء قَدِیر﴾ [البقرة]
في خمس وثلاثين آية، كلها تنصّ على أن الله على كل شيء قدير.
وقوله ﴿كُلِّ شَیْء﴾ نكرة، ولا أجد في كتاب الله تعالى ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في الواقع ما يقيّد هذه القدرة، بل جميع الآيات تنص على شمول قدرته، فهي تعمّ كلّ شيء، بلا استثناء.
وقال تعالى: ﴿كَذَ ٰلِكَ ٱللَّهُ یَفْعَلُ مَا یَشَاۤءُ﴾ [آل عمران]
وقال تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ یَفْعَلُ مَا یَشَاۤءُ﴾ [الحج]
وفي الحديث الصحيح، عن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قال لأخر أهل النار خروجاً منها، وأوّل أهل الجنّة دخولاً إليها: "إني لا استهزئ بك، ولكنِّي على ما أشاءُ قادرٌ".
رواه مسلم.
فالله تبارك وتعالى يفعل ما يشاء، لأنه على كل شيء قدير.
وبناءً على ما سبق، فإن كل شيء تتخيّل أن الله تبارك وتعالى يقواه ويقدر عليه، فهو يقواه ويقدر عليه، وأكثر من ذلك بكثير، لا تدرك الأوهام كمال قوته وقدرته سبحانه.
وبما أنه على كل شيء قدير، فهو مستطيع لكل شيء، إلا أنه سبحانه وتعالى يتنزه عما يرى هو سبحانه أنه لا يليق به وبعظمته وبكبريائه، لا لأنه لا يستطيع ذلك، فهو مستطيع لكل شيء، بل لأنه يتنزه عن فعل ذلك.
والقوة والقدرة، هما الصفتان اللتان خالف فيهما المشركون، ووقعوا بسببها في الشرك الأكبر، وذلك أنهم جعلوا لله مثلاء في كمال صفتي القوة والقدر له سبحانه، وأكفاء له سبحانه في هاتين الصفتين، فلما ساووا بين الخالق والمخلوق في كمال القوة والقدرة، أجازوا أن يُسأل من المخلوق كُلّ ما يُسأل من الخالق سبحانه وتعالى.
والله أعلم وأحكم.