اعلم أن الفعل أصالة ليس بشيء، حتى يقال بأنه مخلوق أو غير مخلوق، فليس الفعل شيء قائم بذاته، يشار إليه بالبنان، ويقال هذا فعل. إنما الفعل وصفٌ لما تقوم به الجوارح من أعمال، وما ينتج عن عملها من أثر ملموس.
وأما قوله تعالى: ﴿وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات] فيدلّ على معناه، ما سبقه من آيات، فقال تعالى: ﴿قَاَلَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات] فالضمير في قوله: ﴿وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ عائد على ما ينحتون، فالمراد به هو الأصنام التي ينحتونها من الطين والجص والخشب، فليس المراد به أن الفعل ذاته مخلوق، لما قدمّت بأن الفعل أصالة ليس بشيء، ولا وجود له، حتى يقال بأنه مخلوق أو غير مخلوق.
فجوارح الله تعالى ليست مخلوقة، ولكن ما ينتج عنها من أثر ملموس فهو مخلوق، وجوارح المخلوقات مخلوقة، وما ينتج عنها من أثر ملموس فهو مخلوق أيضاً.
والله أعلم وأحكم.