يجب أن نعلم أن ما لا يمكن إثباته من الصفات الواردة في الكتاب والسنة إلّا بإثبات لازمه، فيجب إثبات لازمه، وإلا فأنت في الحقيقة لم تثبت الصفة.
مثال صفة العلو، لا بد من أن تثبت الحدّ لله تعالى، وتثبت الجهة والحيّز له، وإلا فأنت في الحقيقة، لم تثبت صفة العلو.
وكذلك صفة الاستواء على العرش، إذا لم تثبته بلوازمه، من التمكن والاستقرار والمماساة، فأنت في الحقيقة لم تثبت الاستواء على العرش.
وهكذا في جميع الصفات.
ونأتي هنا إلى صفة الجسم، هل يلزم من إثبات الحدّ لله تعالى وإثبات صفة الصورة والوجه والعينان واليدان والقدمان والكلام بصوت والحركة، أن نثبت لله جسماً؟ وهل هذه الصفات لا تكون إلّا في جسم؟!
والجواب: لا يلزم من إثبات الحدّ لله تعالى وإثبات صفة الصورة والوجه والعينان واليدان والقدمان والكلام بصوت، أن نثبت لله جسماً.
والدليل على ذلك، أن الأرواح لها صور، ولصورها وجوه وعينان ويدان وقدمان وتتكلم بصوت، ومع ذلك هي ليست أجسام بل أرواح، والجسم هو مطيّة الروح.
وقد قابل النبي صلى الله عليه وسلم أرواح الأنبياء وهي في صورهم التي كانت عليها أجسادهم، وتكلّم معهم، وهذا دليل كافٍ على أنه لا يلزم من وجود الصفات وجود الجسم.
وبما أن الجسم لم ينصّ الله على نفيه، فكيف ننفيه والله لم ينفه؟!
إذاً القول الفصل في هذه المسألة، أنه يتوقف في هذه الصفة، فلا تثبت ولا تنفى، لأنه لا إثبات ولا نفي إلّا بدليل شرعي، بآية من كتاب الله تعالى أو حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم وأحكم.