بيان معنى الحلول

الحلول في اللُغة، جمع حَلَّ، وهي تأتي على معنيين:

الأول: بمعنى نزل وهبط، كما تقول العرب: حلّ القوم بالدار، أي: نزلوا الدار وهبطوها وسكنوا بها.

والثاني: بمعنى ذاب وامتزج، كما تقول العرب: حلّ السكّر في الماء. أي: ذاب وامتزج.

فالله تعالى يحُل على العرش، ويحلّ على أي بقعة شاء من سماواته، ويحلّ على أي بقعة شاء من أرضه، ويحلّ حيث يشاء، بمعنى ينزل ويهبط، حتى يستقر على ما شاء من خلقه. وهذا ثابت شرعاً وغير ممتنعٍ عقلاً، لأن الله تعالى يفعل ما يشاء، فهو على كل شيء قدير، وليس فيه نقص بأي وجه من الوجوه، بل هو من صفات الكمال والجلال، أن يحلّ الله تعالى أي: ينزل ويهبط في أي موضع شاء.

ولكن الله تعالى وتقدس، لا يحلّ في الأشياء بمعنى أنه تعالى وتقدس يذوب فيها ويمتزج بها كما يذوب ويمتزج السكر بالماء، ولو أراد سبحانه وتعالى ذلك لفعله، لكمال قوته وقدرته، ولكن الله تنزّه عن ذلك، لأنه لا يليق به، فشأن الله تعالى أعظم من أن يحلّ في شيء من مخلوقاته، فإن كثيراً من مخلوقات الله تعالى تحتوي على أنواع من النجاسات الحسيّة، فكيف يحل الله فيها وحالتها كذلك، فهذا ممتنع عقلاً، يتعارض مع جلال الله وعظمته وكبرياءه، لذلك بان منهم وانفصل عنهم إلى أشرف الجهات، وهي جهة العلو.

والأدلة الشرعية جاءت بنفي هذا الحلول عن الله تعالى، بإثبات علو الله تعالى على عرشه، فوق ماءه وسماواته، وبينونته عن خلقه، وانفصاله عنهم، فمن خالف ما ورد في كتابه الله تعالى، فهو مكذّب بالقرآن الكريم، والمكذب بشيء من القرآن الكريم، بعد العِلم والبيان، خارج من دائرة الإسلام، مع أن هذه المسألة لا تطرأ على أحد، ولا يقول بها من له عقل صحيح وفطرة سليمة، إذ أن العقول الصحيحة والفِطَر السليمة، قد جُبِلت على أن الله تعالى بائن من خلقه منفصل عنهم.