ما ورد في أن الله تعالى جالس وقاعد على عرشه وأن العرش مكانه

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لمّا خلق الله الخلق، كتب كتاباً فهو عنده فوق العرش، إن رحمتي سبقت غضبي".
رواه البخاري ومسلم.
قلت: وهذا يصدّق الحديث، الذي رواه البخاري في تاريخه، عن جُبير بن مطعم رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى على عرشه، وعرشه فوق سماواته".
قال: عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي رحمه الله قال: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، عن عمر رضي الله عنه قال: "إذا جلس تبارك وتعالى على الكرسي سمع له أطيط كأطيط الرحل الجديد".
رواه عبدالله في كتاب السنّة.
وقال عبدالله بن حنبل حدثني أبي، نا وكيع، بحديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، عن عمر رضي الله عنه قال: "إذا جلس الرب تعالى على الكرسي"، فاقشعر رجل، سماه أبي، عند وكيع، فغضب وكيع وقال أدركنا الأعمش وسفيان يحدثون بهذه الأحاديث لا ينكرونها.
رواه عبدالله في كتاب السنة.
وعن الشعبي، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه قال: ﴿ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ﴾ [طه] فقال جالس. اهــ
رواه الحكم بن معبد في كتابه الرؤية، ونقله عنه الإمام الدشتي في كتابه إثبات الحد لله تعالى.
وإسناده صحيح، إلا أن الشعبي لم يسمع من عبدالله بن مسعود، ولكنه سمع كبار أصحابه، والشعبي ثقة ثبت.
وعن عباد بن منصور، قال: سألت الحسن وعكرمة، عن قوله ﴿ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ﴾ [طه] قالا جلس. اهـ
رواه الحكم بن معبد في كتابه الرؤية، ونقله عنه الإمام الدشتي في كتابه إثبات الحد لله تعالى.
وإسناده حسن.
وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: "الكرسي موضع القدمين، وله أطيط كأطيط الرحل".
أخرجه الطبري في تفسيره بسند صحيح.
وفي هذا الباب أحاديث كثيرة، ولكني اقتصرت على ما صحّ منها فقط.
والله تعالى استوى على عرشه جالسا وقاعدا من كمال غناه عن المكان وعن العرش وعن الجلوس والقعود عليه، فهو سبحانه وتعالى الغنيّ، إنما الله تعالى يفعل ما يشاء، لأنه على كل شيء قدير، فكما أنه خلق سائر المخلوقات مع كمال غناه عنها، فقد خلق العرش واصطفاه ليكون مكانا له، يجلس ويقعد عليه، مع كمال غناه عنه.
وقدرته على اتخاذ المكان، والجلوس والقعود، من دلائل كمال قدرته سبحانه وتعالى.
وقد يقول قائل: هل العرش يحوي الله تعالى وتقدس؟
والجواب: الله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء، لأنه على كل شيء قدير، فقد يجمع ربنا تعالى ذاته على العرش، فيستوي عليه كلّه، والله تبارك وتعالى أعلم بما يليق به وما لا يليق به، فإن كان هذا هو الحال، فهو مما يليق بالله تعالى فعله، وقد لا يدنو من العرش منه سوى بعضه، فيستوي بعضه على العرش، ويكون بعضه متّصلا بالذات الكُلِّيَّة العِليّة. 
والله أعلم وأحكم