عقيدة الإمام الشافعي في الصفات بالأسانيد

قال محمد بن أبي يعلى في كتابه طبقات الحنابلة: قرأت على المبارك قلت له أخبرك محمد بن علي بن الفتح قال أخبرنا علي بن مردك قال أخبرنا عبدالرحمن بن أبي حاتم .. ح

وهذا سند صحيح لا غبار عليه

وقال أبو الحسن الهكاري في كتابه أعتقاد الإمام أبي عبدالله محمد بن إدريس الشافعي المطلبي رضي الله عنه: أخبرنا الشيخ أبو يعلى الخليل بن عبدالله بن عبدالرحمن بن أحمد القزويني الحافظ أنا القاضي أبو سعد القاسم بن علقمة الأبهري أنا أبو محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي .. ح

وفي السند ضعف.

وقال الشيخ الإمام الحافظ صدر الدين الياسوفي رحمه الله تعالى في كتاب معتقد الإمام أبي عبدالله محمد بن إدريس الشافعي قدس الله روحه ورضي عنه: حدثنا لسان الأدب وحجة العرب بدر الدين محمد بن نجم الدين يحيى بن أبي الغنائم المعري الشافعي قال : أخبرنا الشيخ الإمام العالم العامل القدوة الحافظ المفتي الخطيب الزاهد العارف البارع شيخ المشايخ فخر الأئمة تاج العلماء فخر الخطباء أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن عمر بن الفرج الفاروقي الشافعي خطيب جامع دمشق رحمه الله قال : أخبرنا الشيخ الإمام بدر الدين أبو القاسم علي بن الحافظ أبي الفرج عبدالرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي قدس الله روحه أخبرنا أبو سعيد عبدالجبار بت يحيى بن هلال بن الأعرابي قراءة عليه ببغداد أخبرنا أبو العز أحمد بن عبدالله بن كادش العكبري أخبرنا أبو طالب محمد بن الفتح العشاري أخبرنا أبو الحسن علي بن عبدالعزيز بن مردك البرذعي أنبأنا أبو محمد عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي ..

وفي سنده ضعف

فإذ انضافت رواية الياسوفي والهكاري إلى رواية ابن أبي يعلى ازدادت هذه العقيدة قوة ومتانة فلا مطعن في هذه العقيدة السنية لهذا الإمام البحر.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى المصري قال سمعت أبا عبدالله محمد بن إدريس الشافعي يقول وقد سئل عن صفات الله وما ينبغي أن يؤمن به فقال :

"لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم أمته لا يسع أحداً من خلق الله قامت عليه الحجة أن القرآن نزل به وصح عنه بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عنه العدل فإن خالف بعد ثبوت الحجة عليه فهو بالله كافر فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالروية والفكر ونحو ذلك أخبار الله سبحانه وتعالى أتانا أنه سميع بصير وأن له يدين بقوله "بل يداه مبسوطتان" وأن له يميناً بقوله "والسماوات مطويات بيمينه" وأن له وجهاً بقوله "كل شيء هالك إلا وجهه" وقوله "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" وأن له قدماً بقول النبي صلى الله عليه وسلم "حتى يضع الرب فيها قدمه" يعني جهنم وأنه يضحك من عبده المؤمن بقول النبي صلى الله عليه وسلم للذي قتل في سبيل الله "إنه لقي الله وهو يضحك إليه" وأنه يهبط كل ليلة إلى السماء الدنيا بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وأنه ليس بأعور بقول النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الدجال فقال "إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور" وأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر وأن له إصبعاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم "مامن قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل" فإن هذه المعاني التي وصف الله بها نفسه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم مما لا يدرك حقيقته بالفكر والروية فلا يكفر بالجهل بها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها فإن كان الوارد بذلك خبراً يقوم في الفهم مقام المشاهدة في السماع وجبت الدينونة على سامعه بحقيقته والشهادة عليه كما عاين وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن يثبت هذه الصفات وينفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" اهـ

ومما يثبت صحة هذه العقيدة إلى الإمام الشافعي هو أن ابن حجر العسقلاني وهو من كبار الأشاعرة ذكرها في كتابه فتح الباري لكنه حذف ما تضمنته هذه العقيدة من إثبات الصفات وذكر أنه نقلها عن كتاب "آداب الشافعي ومناقبه لابن أبي حاتم" ولكن هذه العقيدة لا توجد في المطبوع من الكتاب مما يدل على أن هذه العقيدة متضمنة للإثبات حقا فقام نساخ الأشاعرة بحذفها من متن الكتاب تلبيساً على الناس لأنه لا داعي لحذفهم لها لولا أنها متضمنة لما يخالف معتقدهم من إثبات الصفات.

وقد نقل هذه العقيدة، بلا عزو، على سبيل الموافقة والمتابعة كلا من: الإمام شيخ المفسرين أحمد بن جرير الطبري في كتابه "التبصير في معالم الدين" ونقلها الإمام أبو الحسن الأشعري، مؤسس المذهب الأشعري، بعد توبته، ورجوعه إلى مذهب السلف أئمة أهل السنة والجماعة في إثبات الصفات، وقد نقلها أيضا بلا عزو، على سبيل الموافقة والمتابعة، كما في كتابه "الإبانة عن أصول الديانة".

مع العلم أن كتاب الإبانة للأشعري له خمس نسخ ىخطية أربعة متفقة ونقية من تعطيل الصفات بينما واحدة متضمنة لنصوص كثيرة في تعطيل الصفات وهذا يثبت أن تلك النسخة تعرضت للتحريف والزيادة من قبل بعض متعصبي الأشاعرة، ذكر ذلك الشيخ صالح العصيمي التميمي في تحقيقه لكتاب الإبانة للأشعري.