معنى قوله تعالى: ﴿لَیْسَ كَمِثْلِهِۦ شَیْءࣱ﴾ [الشورى] إذا عرضته على لغة العرب، وجدت معناه نفي التماثل في كمال الصفة بين صفات الله وصفات خلقه، والكاف للتوكيد.
كما تقول العرب ليس كمثل فلان أحدٌ، في شجاعته، أو شهامته، أو نخوته، أو كرمه، أو غير ذلك من الصفات.
ولا يزال العرب في جزيرة العرب، وهم العرب الأقحاح، الذين ورثوا لغتهم عن أسلافهم كابراً عن كابر يقولون: فلان ما مثله أحد. و "ما" هنا بمعنى: ليس.
ومعنى قوله تعالى: ﴿وَلَمْ یَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُ﴾ [الإخلاص] أي: ليس هنا من يساويه في كمال صفاته، فمعنى الكفوء، هو المساوي.
كما تقول العرب: فلان ليس كفئا لفلان.
فالعرب لا يعنون بقولهم: ليس كمثل فلان أحد، أن فلاناً هذا لا يشبه غيره في تلك الصفات من كل وجه، وأنه يختلف في هذه الصفات عن غيره، وأنه يجب أن يسلب هذه الصفات جميعها، فلا يمنح تلك الصفات ولا ضدها، وأنه يجب أن نعتقد، أن كل ما خطر ببالنا من صفات فلان هذا فهو بخلاف ما خطر ببالنا، أو نثبت لفلان هذا صفات ولكن بلا تشبيه ولا تأويل ولا تكييف.
وإنما مرادهم، التنبيه على التباين، بين كمال وجود هذه الصفة من الشجاعة والشهامة والنخوة والكرم في هذا الشخص، وبين وجودها في غيره من الأشخاص.
وكذلك قولهم: فلان لا يكافئ فلان.
ففلان هذا، وإن كان يشبههم في هذه الصفات ويشبهونه، إلّا أنهم لا يماثلونه في تلك الصفات، وليسوا له بأكفاء.